شاهد الهدف الخرافي لـ الجزائري يوسف بلايلي مع فريقه الترجي

شاهد الهدف الخرافي لـ الجزائري يوسف بلايلي مع فريقه الترجي
المؤلف chefspot.online
تاريخ النشر
آخر تحديث

شاهد الهدف الخرافي لـ الجزائري يوسف بلايلي مع فريقه الترجي في أسفل المقال

يوسف بلايلي: فنان الكرة الجزائرية بين التألق والجدل

في عالم كرة القدم، يبرز بعض اللاعبين ليس فقط بموهبتهم وإنما أيضًا بشخصيتهم المثيرة ومسيرتهم المليئة بالتحديات والنجاحات المتباينة. ومن بين هؤلاء يسطع نجم اللاعب الجزائري يوسف بلايلي، الذي استطاع أن يحفر اسمه بأحرف من ذهب في ذاكرة الجماهير الجزائرية والعربية، رغم المنعطفات الصعبة التي مر بها. بلايلي ليس مجرد لاعب موهوب، بل قصة كروية متكاملة تعكس التناقضات بين العبقرية الكروية والقرارات الشخصية التي شكلت جزءاً من مصيره.



البدايات في وهران: الموهبة تتفتح

ولد يوسف بلايلي في 14 مارس 1992 بمدينة وهران، إحدى أبرز المدن الجزائرية في إنتاج المواهب الكروية. ومنذ نعومة أظافره، لفت أنظار المحيطين به بموهبته الفطرية في التحكم بالكرة ومراوغة الخصوم بطريقة سهلة وسلسة. بدأ مسيرته في الفئات السنية لنادي رائد وهران قبل أن ينتقل لاحقًا إلى فريق مولودية وهران، حيث تدرج في الفئات العمرية ولفت الأنظار بقدراته الفنية العالية.

في عمر مبكر، التحق بفريق نصر حسين داي، ثم كانت محطته الأهم في الجزائر مع نادي اتحاد العاصمة، حيث بزغ نجمه بقوة. تألقه مع الاتحاد جعله محط أنظار الأندية العربية، فانتقل إلى نادي الترجي التونسي، في خطوة فتحت له أبواب المجد والشهرة.


التألق مع الترجي: صانع الأفراح

يُعد بلايلي أحد أفضل المحترفين الذين مرّوا على نادي الترجي الرياضي التونسي، فقد قدّم مستويات مذهلة بين عامي 2012 و2015، ثم عاد للفريق في فترة ثانية بين 2018 و2019. بفضل مهاراته الفردية وقدرته على صناعة الفارق في الثلث الهجومي، بات أحد أعمدة الفريق، وساهم في تتويج الترجي بلقب دوري أبطال إفريقيا مرتين في 2018 و2019.

كان بلايلي يُعتبر في تلك الفترة أحد أفضل الأجنحة في القارة الإفريقية، بفضل سرعته، حاسته التهديفية، وتمريراته الدقيقة. لكن، كما هي حال الكثير من الموهوبين، كانت هناك عثرة كبيرة في طريقه، أثّرت على مسيرته بشكل بالغ.


السقوط المدوي: قضية المنشطات

في عام 2015، وُجهت صدمة كبيرة لجماهير الكرة الجزائرية والعربية بعد إعلان الاتحاد الإفريقي لكرة القدم إيقاف يوسف بلايلي لمدة عامين بسبب تناوله مادة محظورة. هذا القرار كان بمثابة الزلزال الذي هزّ مسيرة لاعب كان على وشك الانفجار عالميًا. ورغم أن اللاعب أبدى ندمه لاحقًا وقدم اعتذارًا، إلا أن هذه الحادثة طاردته طويلاً، وأثرت على سمعته الكروية.

بعد فترة الإيقاف، عانى بلايلي من تراجع الاهتمام بخدماته من الأندية الكبرى، واضطر للعودة تدريجيًا من بوابة أندية صغيرة في الجزائر.


العودة القوية: كأس إفريقيا 2019

رغم الإيقاف والعزلة الكروية، لم يستسلم يوسف بلايلي، وواصل العمل بصمت حتى استعاد جزءًا كبيرًا من مستواه، خصوصًا بعد عودته للترجي. وجاءت النقلة النوعية في مسيرته خلال بطولة كأس الأمم الإفريقية 2019 التي أقيمت في مصر، حيث قدم خلالها أداءً استثنائيًا رفقة منتخب الجزائر بقيادة المدرب جمال بلماضي.

ساهم بلايلي بشكل مباشر في تتويج "محاربي الصحراء" بلقب البطولة، من خلال أهدافه الحاسمة وتمريراته السحرية، وكان أحد نجوم البطولة دون منازع. هدفه في مرمى السنغال في الدور الأول، وكذلك تمريراته في أدوار خروج المغلوب، كانت من أبرز مشاهد تلك النسخة.

بفضل هذا التألق، عاد بلايلي إلى دائرة الضوء، وبدأت الأندية الخليجية والأوروبية تضعه ضمن اهتماماتها.


تجارب احترافية متعددة

بعد التألق القاري، خاض بلايلي عدة تجارب احترافية خارج الجزائر، أبرزها مع الأهلي السعودي، حيث قدّم بداية قوية قبل أن تتوتر علاقته بإدارة النادي، لأسباب تتعلق بالانضباط والمستحقات المالية. انتقل بعدها إلى نادي قطر لفترة قصيرة، ثم خاض تجربة أوروبية مع ستاد بريست الفرنسي، حيث أبهر الجماهير في بدايته بأهداف رائعة ومراوغات مذهلة، لكن مشكلته مع الالتزام والانضباط طفت مجددًا على السطح، ما جعل التجربة تنتهي قبل أن تتطور.

كما لعب لاحقًا مع أجاكسيو الفرنسي في الدوري الفرنسي، إلا أن الفريق هبط للدرجة الثانية، وهو ما جعل بلايلي يفسخ عقده، ويعود من جديد إلى البطولة الجزائرية، من بوابة مولودية الجزائر، في خطوة فُسرت على أنها بداية لنهاية مسيرة محترف واعد، بينما رأى البعض فيها فرصة لاستعادة التوازن النفسي والرياضي.


اللاعب الذي يراوغ الحياة

ما يميز يوسف بلايلي ليس فقط موهبته الكروية العالية، بل أيضًا شخصيته المركبة. فهو لاعب يملك ثقة مفرطة بنفسه، وغالبًا ما يدخل في مشكلات مع إدارات الأندية بسبب مواقفه الصريحة وغير الدبلوماسية. تعرض للانتقادات من بعض المدربين بسبب عدم التزامه بالتدريبات أو السفر دون إذن، وهو ما ألقى بظلاله على مسيرته في أكثر من نادٍ.

لكن في المقابل، لا يمكن إنكار عشق الجماهير الجزائرية له، إذ يعتبرونه أحد صناع ملحمة 2019، ويُطلقون عليه لقب "السلطان" أو "الفنان"، نظرًا لما يمتلكه من لمسات لا تتكرر كثيرًا في الملاعب الجزائرية.


أسلوب اللعب: سحر مغلف بالمزاج

يُعد بلايلي جناحًا هجوميًا يساري القدم، يتميز بمراوغاته القصيرة، تغيير الاتجاه بسرعة، التسديد من خارج المنطقة، والتمرير الحاسم. يلعب غالبًا على الجهة اليسرى، ويميل إلى الدخول إلى العمق لخلق الفرص أو التسديد.

لكن أهم ما يميز أسلوبه هو "الحدس الفني" أو ما يسميه البعض "الإلهام"، إذ يبدو في أحيان كثيرة أنه لا يلعب بطريقة منظمة بقدر ما يعتمد على الإبداع اللحظي، وهو ما يجعله غير متوقع للمدافعين، لكنه في الوقت ذاته قد يغيب تمامًا في بعض المباريات إذا لم يكن في يومه.


ما بعد الثلاثين: هل من عودة قوية؟

في سن الثالثة والثلاثين، لا يزال يوسف بلايلي يملك ما يقدمه، خصوصًا إذا التزم انضباطيًا وحافظ على لياقته. هناك دعوات من الجماهير لإعادته إلى المنتخب، خاصة مع تراجع أداء بعض العناصر الهجومية. لكن بلماضي، ورغم إعجابه بإمكاناته، لا يغامر كثيرًا بمنح الفرص للاعبين الذين يشوب التزامهم بعض الشك.

ومع ذلك، يبقى بلايلي رقماً صعباً في الكرة الجزائرية، وموهبة استثنائية قلما تتكرر. وإذا ما قرر أن يجعل من السنوات القادمة مسك الختام، فربما نشهد نسخة ناضجة ومتكاملة من اللاعب الذي كثيراً ما راوغ الخصوم... والحياة!

شاهد الهدف الخرافي لـ الجزائري يوسف بلايلي مع فريقه الترجي من هنا :